القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
أخبار الآحاد
55259 مشاهدة
اعتناء السلف بالحديث النبوي


   لما عرف الصحابة رضي الله عنهم أهمية هذا العلم حرصوا على تلقيه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، فأكثروا ملازمته، وآثروا مجالسته على العمل في أموالهم، وأسباب ارتزاقهم، وربما أناب بعضهم من يحضر مجلسه ويبلغه ما فاته من العلم، كما فعل عمر بن الخطاب مع جاره الأنصاري .
   ولقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في حسن تعليمهم، وإيصال المعنى إلى أفهامهم فكان يستعمل ألوانا من وسائل الإيضاح والبيان، كالعرض والمناقشة وضرب الأمثلة، وتكرير الكلام ليفهم عنه، فكانوا يتلقون عنه في المجالس والنوادي وعلى المنابر، في السفر والحضر، فما قبضه الله إلا وقد علمهم كل شيء يحتاجون إليه كما شهد له بذلك بعض أعدائه من اليهود، كما روى مسلم عن سلمان أن بعض اليهود قالوا له: علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ قال: أجل. الحديث .
   وبعد أن توفاه الله عرف أصحابه أن هذا العلم الذي تلقوه عنه أمانة في أعناقهم، يلزمهم بيانه للناس كي لا يلحقهم وعيد الذين قال الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ .

  وهكذا عرف تلامذتهم منزلة هذا العلم من الدين الذي كلفوا به، مما حمل الجميع على بذل الجهد في التعلم والتعليم فعمروا بهذا الحديث مجالسهم، وصار طلبه جل مقاصدهم، وتحملوا في تحصيله المشاق وقطعوا المراحل الكثيرة، كما روي عن ابن عباس أنه قال: كان يبلغني الحديث عن بعض الصحابة فآتي إليه وهو قائل، وأجلس عند الباب، تسفي الريح في وجهي التراب حتى يستيقظ رواه الحاكم .
واشتهر عن جابر رضي الله عنه أنه سافر إلى الشام لأخذ حديث واحد من عبد الله بن أنيس كما رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما . وكذا أبو أيوب سافر إلى مصر من المدينة ليروي حديثا واحدا عن عقبة بن عامر ذكره ابن عبد البر في جامع بيان العلم .
  وكانوا بعد سماعه يتذاكرونه، ويعرضه بعضهم على بعض ليتأكد كل منهم صحة ما حفظه، وربما كرره الواحد زمنا طويلا حتى يحفظه، كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يجعل جزءا من الليل لدراسة الحديث ليبقى في ذاكرته. ذكره ابن جريج وغيره .
   وقد خصهم الله بزيادة في الحفظ فاقوا بها من بعدهم بكثير وعنهم في ذلك روايات عجيبة وربما استعان بعضهم على الحفظ بالكتابة حتى يحفظ، وبالجملة فقد أثر عن سلفنا من العناية بالحديث والاهتمام بشأنه ما به حقق الله حفظ هذه الشريعة وحماية مصادرها، فرحمهم الله وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء.